تمر القضية الوطنية الفلسطينية بمرحلة دقيقة وحساسة في تاريخ نضالها ضد دولة الاحتلال الصهيوني، وهناك طيف واسع من أبناء شعبنا يتعرّضون لمحاولات صهيونية لاستهداف هويّتهم الوطنية من قبل أجهزة المخابرات الصهيونية ليس استهداف عسكري فقط بل استهداف أعمق من ذلك يستخدم فيه خبراء صهاينة ومتخصصون تقنيات وتكتيكات العمليات النفسية لتذويب الهويّة الوطنية للمواطن الفلسطيني.
الهوية الوطنية هي مجموعة من القيم والأخلاق يجب أن تنعكس أفعالاً من أجل استقرار الوطن والدفاع عنه والتقيد بنظمه واحترام قوانينه، يحاول الاحتلال الصهيوني من خلال استهداف الهويّة الوطنية جعل المواطن الفلسطيني فارغ من الداخل فكرياً وثقافياً ووطنياً من خلال عمليات نفسية مستمرة لا تقل ضراوة عن الصراع العسكري بل هي الأخطر لأنّ هذه المعركة يتم فيها استخدام كلّ الوسائل من أجل تغييب المواطن الفلسطيني عن هموم مجتمعه وقضيته الوطنية من خلال تعزيز ثقافة التنازلات والمكاسب الشخصية وهو ما أصبحنا نلاحظه من خلال مؤسّسات غامضة تروّج لأفكار غامضة تخدم المشاريع الصهيونية تحت أقنعة مختلفة منها التعاون الاقتصادي ومرّة التطبيع الثقافي مع دولة الاحتلال من خلال لقاءات وندوات وفي المحصلة فإنّ هذه النشاطات هي جزء أصيل من الحرب النفسية التي يوجهها خبراء أمنيين متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع ضد الهويّة الوطنية الفلسطينية في محاولة للتأثير على البُنية الإدراكية للمواطن الفلسطيني الذي يقف متجذراً في أرضه ضد الاحتلال يعمل بكلّ ما أُوتي من قوّة لاستعادة حقوقه، إلّا أنّ هذه المحاولات الصهيونية الخبيثة هي عمليات مستمرة يساعدهم فيها العملاء والحلفاء من أجل إحداث حالة من التيه في الإدراك المعرفي للمفاهيم التي تحكم الصراع مع دولة الكيان الصهيوني.
إنّ البعض ممّن نجح الاحتلال في استهداف هويّتهم الوطنية شاركوا الصهاينة في لقاءات وإفطارات والبعض الآخر دعاهم لمناسبات خاصّة والبعض يتباهى بل ويتطوّع للدفاع عن أفكار الاحتلال تحت مُسمّيات مختلفة وأشكال متعدّدة جميعها لا تصبّ في مصلحة شعبنا، إنّه هجوم على الهويّة الوطنية وهو ما أدركه مبكراً الشهيد صلاح خلف أبو إياد في كتابه «فلسطيني بلا هويّة» فقال: أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر.
إنّ عمليات المقاومة الفلسطينية تحمل أهميّة كبيرة في حماية الهويّة الوطنية والتصدي للاحتلال من خلال ترسيخ المفاهيم الوطنية وأنّ العقول الفلسطينية من الذكاء بأن تبلور منهجاً وطنياً لحماية الهويّة الوطنية من استهداف الاحتلال الأمر الذي يستوجب العمل الموحّد من كافة القوى الوطنية للتصدّي للتغول الصهيوني على قضيتنا سياسياً وفكرياً وثقافياً وتربوياً وعلى كافة المستويات .
ومن هنا يجب أن ندرك أنّ العمليات النفسية التي يقوم بها الاحتلال من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كصفحة المنسق الصهيوني وصفحة الناطق باسم جيش دولة الاحتلال ما هي إلّا استمرار لسياسة الاستهداف الصهيونية لهويّتنا الوطنية من خلال زراعة مفاهيم خبيثة وأفكار مسمومة تخدم الاحتلال وروايته، لذلك يجب العمل على تعزيز الهويّة الوطنية وتحصينها لدي أبناء شعبنا من خلال بث القيم الوطنية وترسيخ المفاهيم التي تعبّر عن هويّتنا الفلسطينية وأن يعمل كلّ الوطنيين جنباً إلى جنب من أجل طرد الأفكار الدخيلة على هويّتنا التي تعبّر عنّا وعن نضال شعبنا الفلسطيني.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق